النصيحة لمن تكون؟ وأين مجالاتها؟:
بَيَّن ذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم بحديث موجز من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وذلك في
حديث تميم الداري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قلنا: لمن؟
قال: «لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ
وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([1])، فجعل مجالات
النصيحة أربعة، وبها يتكامل الدين كله بمراتبه الثلاث: الإسلام والإيمان والإحسان،
كله يدخل في النصيحة، وهي: أن يتوافق الظاهر مع الباطن، في الإيمان والدين؛
فالنصيحة لله جل وعلا: عبادته وحده لا شريك له، أما من يعبد الله ويعبد غيره؛ فهذا
ليس ناصحًا، هذا مخط غاش، فلا يكون ناصحا لله إلا إذا أخلص عقيدته لله: ﴿بَلَىٰۚ مَنۡ أَسۡلَمَ
وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ فَلَهُۥٓ أَجۡرُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦ وَلَا
خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة: 112].
﴿أَسۡلَمَ
وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ﴾: يعني: أخلص توجهه إلى الله بظاهره وباطنه ﴿وَهُوَ مُحۡسِنٞ﴾ أي: متبع للرسول
صلى الله عليه وسلم، لا يتبع غير الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يقلد غير الرسول،
وإنما يكون قدوته وإمامه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عبادته لله، فيعبد الله
على ما جاء به هذا النبي صلى الله عليه وسلم، لا يعبد الله على ما جاء به فلان أو
فلان، أو الشيخ الفلاني، أو على الطريقة الفلانية، أو ما أشبه ذلك.
ومن النصيحة لله جل وعلا: إثبات أسمائه وصفاته كما جاءت في الكتاب والسنة من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل؛ فهذا من النصيحة لله سبحانه وتعالى، وهذا الذي يوحد المسلمين، ولا يوحد المسلمين غير العقيدة الصحيحة مهما تكلموا ومهما قالوا، يقولون: اتركوا الناس
([1]) أخرجه: مسلم رقم (55).