×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

والنصيحة لكتاب الله: أن نؤمن أنه كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ونتعلمه، وعلمه، ونتلوه حق تلاوته، نريد الأجر بتلاوته لا نتلوه للتأكل به أو لتزيين أصواتنا والمياد بها، بل نتلوه لوجه الله سبحانه وتعالى، كما أمرنا الله: ﴿ٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَصۡنَعُونَ [العنكبوت: 45].

فنتلوه بعد أن تعلمناه، لا نكتفي بأننا تعلمناه وحفظناه، بل نتلوه ونكرر تلاوته، ونتقرب إلى الله بتلاوته، آناء الليل وأطراف النهار، في صلواتنا، في جلساتنا، في خلواتنا، فيما بيننا، حتى يترسخ في قلوبنا، وحتى نرتبط به ونحبه، ولا نهجره، ولا نقول: حفظناه وكفانا حفظه، فلا يكفي ذلك، فلابد مع ذلك من تدبر القرآن، بمعرفة معانيه، ومقاصده، وذلك بالرجوع إلى تفسيره من المصادر الموثوقة، من تفسير القرآن بعضه لبعض، ومن تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم للقرآن، ومن تفسير الصحابة، ومن تفسير التابعين، نأخذ تفسيرهم من هذه المصادر حتى نتدبره، لا نأخذ تفسيره من الأفكار والنظريات الحديثة مما يسمى الإعجاز العلمي الذي شغلوا به الناس عن تفسير القرآن بالمأثور، ونعرف معناه، أما أن نردده ونحن لا نعلم معناه، ولا نعرف مدلوله؛ فماذا نستفيد إذن؟ كالذين قال الله تعالى فيهم: ﴿وَمِنۡهُمۡ أُمِّيُّونَ لَا يَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّآ أَمَانِيَّ [البقرة: 78]، أي: ومن اليهود من يتلو التوراة تلاوة مجردة، فالأماني هي: التلاوة مجردة، من دون تدبر، وبدون عمل، فلنتدبر القرآن.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

وَتَدَبَّرِ القُرْآنَ إِنْ رُمْتَ الهُدَى

فَالعِلمُ تَحْتَ تَدَبُّرِ القُرْآنِ


الشرح