2- الحاجة إلى الأمن:
والأمن ضروري
للمجتمع قدمه الله على الطعام الشراب؛ لأن الإنسان لا يهنأ بطعام ولا بشراب ولا
بنوم إلا بتوفر الأمن؛ ولهذا لما دعا الخليل عليه الصلاة والسلام لمكة، قال: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِۧمُ
رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ
مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ قَالَ وَمَن كَفَرَ
فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [البقرة: 126]،
فقدم عليه الصلاة والسلام طلب الأمن على طلب الرزق، وقال تعالى: ﴿فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا
ٱلۡبَيۡتِ ٣ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ ٤﴾ [قريش: 3، 4]، فهما
قرينان، فلا يتوفر الرزق ولا يهنأ المرء بالعيش إلا إذا تحقق له الأمن؛ ولهذا جاء
في دعاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام مقدما على الرزق ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ
هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ﴾ [البقرة: 126].
3- أسباب تحقق
الأمن: ويتحقق الأمن بأمور:
أولاً: صلاح
العقيدة:
وذلك بإخلاص العبادة لله عز وجل، والبعد عن الشرك الذي يفرق الناس، ويفسد العقيدة الصحيحة عقيدة التوحيد: وهي إفراد الله بالعبادة، وذلك هو صمام الأمن، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ﴾ [الأنعام: 82]، فالذين آمنوا بالله عز وجل وعبدوه حق عبادته وأخلصوا له الدين، ﴿وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ﴾ أي: لم يخلطوا، ﴿إِيمَٰنَهُم﴾ أي: توحيدهم، ﴿بِظُلۡمٍ﴾ أي: بشرك، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13]، فإذا دخل الشرك في العبادة أفسد التوحيد واختل الأمن، فهم لم يخلطوا إيمانهم بشرك، وقد فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم في هذه الآية بالشرك،