فالله لا يقبل من الأعمال والعبادات إلا ما كان خالصا لوجهه سبحانه وتعالى،
وهذا هو الذي أنزل الله به الكتب وأرسل به الرسل من أولهم إلى آخرهم، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ
أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]، الرسل كلهم جاؤوا ونهوا عن الشرك
بالله، وأمروا بعبادته وحده سبحانه، ﴿وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]،
فالطاغوت هو الشرك، وهو كل ما عبد من دون الله، فإن كان راضيًا بذلك فهو طاغوت في
نفسه، وإن لم يرض بذلك فإن الطاغوت هو الشيطان الذي أمر بعبادته، فهو حينئذٍ يعبد
الشيطان، ولا يعبد النبيَّ ولا الملك ولا الصالحين؛ لأنهم لا يرضون بذلك، وإنما
يعبد الطاغوت وهو الشيطان.
وقد بيَّن لنا الله
جل وعلا ذلك، فقال تعالى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ
جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ
ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١﴾ أي الشياطين ﴿أَكۡثَرُهُم بِهِم
مُّؤۡمِنُونَ﴾ [سبأ: 40- 41]، لينتبه المسلم لمثل هذا.
إن كثيرًا من الناس
اليوم يدعون الإسلام، فيصلون ويصومون، ويحجون ويتعبدون، ولكنهم لا يتركون عبادة
غير الله، يأتون الأضرحة والقبور، ويستغيثون بالأموات، ويذبحون وينذرون لهم، وهذا
مما يلاحظ كثره وانتشاره بين فئام من الناس.
فالمسلم يخشى من الشرك، ويجتنبه، وينهى عنه، ويجعل عمله خالصًا لوجه الله تعالى، وقد لا يحصل من المسلم الشرك الأكبر، ولكن يحصل منه الشرك الأصغر، وهو الرياء والسمعة، وهذا -الرياء- يحبط العمل الذي خالطه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: