×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

«إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكمُ ُالشِّرْكُ الأَْصَغَرُ»، قَالُوا: وَمَا الشِّركُ الأَْصْغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ» ([1])، وفي الحديث الآخر: «أَلاَ أُخْبِرُ كُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ المَسِيح الدَّجَّال؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ: أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فيُزيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى من نَظَرِ رَجُلٍ» ([2]).

مثل أن يتصدق لأجل أن يمدح، ويتبرع من أجل أن يُثنى عليه، وقد يعمر مساجد من أجل أن يخلد اسمه وذِكرُه، ومثل هذا مردود ولا يقبله الله عز وجل، لأنه لغير الله عز وجل.

فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر الصحابة رضي الله عنهم من الشرك الأصغر؛ لأنه قلَّ من يسلم منه، ولكن إذا عرض للإنسان فعليه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن يخلص عمله لله، فينتفي عنه الشرك، وينتفي عنه الرياء، فإذا رجع إلى الله، وأخلص عمله لله، صار عمله صالحا، وأما إذا استمر معه الرياء أو كان أصل عمله الرياء؛ فإنه مردود عند الله جل وعلا، لا ينفع صاحبه مهما كلف نفسه من العبادات والقربات.

فالحاصل: أن أول واجب علينا هو عبادة الله عز وجل، ﴿وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ [الذاريات: 56]، وأول ما نُهينا عنه الشرك، فإذا قيل لك: ما أعظم ما أمر الله به؟ تقول: التوحيد، وإذا قيل لك: ما أعظم ما نهى الله عنه؟ تقول: الشرك بالله عز وجل، فعلينا أن نخلص أعمالنا لله، وأن نحذر من الشرك، ولا نزكِّي أنفسنا، بل نخاف من الشرك ونحذره، ونستعيذ بالله منه.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (2360).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4204)، وأحمد رقم (11252).