×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

أما إذا لم يكن له سلطة لا عامة ولا في بيته، فإنه ينكر المنكر بلسانه، بمعنى أنه يعظ ويذكر، ويدعو إلى الله، ويبلغ عن المعاصي والمنكرات من يستطيع تغييرها باليد، من رجال السلطة ورجال الحسبة، ولا يسكت عن ذلك وهو يقدر.

فإذا لم يستطع بلسانه، فإنه ينكر المنكر بقلبه، ويعتزل المنكر وأهل المنكر ولا يجالسهم ولا يخالطهم، إلا على سبيل النصيحة والإنكار عليهم.

فأهل السنة والجماعة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، على ما توجبه الشريعة، لا على ما يقوله المعتزلة من أن إنكار المنكر معناه الخروج على ولي الأمر إذا حصلت منه مخالفة دون الكفر، حيث يخرجون عليه بالسيف ويقولون هذا من إنكار المنكر، لأن من أصولهم -أي المعتزلة- الباطلة أنهم يقولون بالخروج على ولي الأمر إذا حصلت منه معصية دون الكفر من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بزعمهم فيشقون عصا الطاعة ويخرجون عن الجماعة ويفرقون جماعة المسلمين، بحجة أنهم ينكرون المنكر، وهذا هو المنكر عينه، فالصبر على ولي الأمر وإن حصلت منه مخالفة دون الكفر أولى من الخروج عليه، بل إن الضرر الذي يحصل في الصبر عليه في هذه الحالة أخف من الضرر الذي يحصل من الخروج عليه، من شق عصا الطاعة وسفك الدماء، وإخلال الأمن، وغير ذلك.

فأهل السنة والجماعة وسط في هذا الأمر، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، كما قال تعالى: ﴿وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ [التوبة: 71].


الشرح