وأن الصراط المستقيم: هو الذي بيَّن الله أهله
في قوله تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ
وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّۧنَ
وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ
رَفِيقٗا﴾ [النساء: 69]، وبينهم النبي صلى الله عليه وسلم حينما
قال: «فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى
اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا
عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» ([1])، أخبر صلى الله
عليه وسلم خبرًا معناه التحذير، حيث قال: «فإنه
من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا»، حذر من الاختلاف وأمر بالثبات على
الحق عند الاختلاف، والحق إنما هو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد
بها الطريقة التي كان عليها صلى الله عليه وسلم وكان عليها خلفاؤه، وكان عليها من
أتى بعدهم، ممن اقتدى بهم كما قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ
ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ
تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100].
ولذلك سموا أهل السنة؛ لأنهم يسيرون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسموا بالفرقة الناجية؛ وذلك لأنهم نجوا من النار بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: «وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة»، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: «ما أنا عليه وأصحابي» ([2])، فسموا بالفرقة الناجية؛ لأنهم نجوا من هذا الوعيد بتمسكهم بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4609)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).