وهم الذين اتبعوا السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم
بإحسان، قال جل وعلا: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]؛ فلم يتبعوهم بالادِّعاء، وإنما بإحسان
وإتقان وانضباط بعد معرفة ما هم عليه بتعلم العلم النافع.
ولا يكون ذلك إلا
بعد تعلم ومعرفة ما عليه السابقون الأولون في الاعتقاد والعمل حتى نتبعهم بإحسان،
أما من كان يجهل ما كانوا عليه فإنه لا يتبعهم بإحسان، وإن كان حريصا على اتباعهم.
إدا لا بد من تعلم
ما هم عليه حتى نسير على أثرهم بإحسان وإتقان، من غير غلو ولا تفريط في اتباعهم
ولا تساهل وتضييع؛ الأن طريقتهم هي الطريقة السليمة الوسط التي ليس فيها تفريط ولا
إفراط، ليس فيها تفريط وذلك بالسير على غيرها مع الادعاء بأننا عليها، ومن غير
إفراط أي من غير غلو وتطرف بل باعتدال، بخلاف ما عليه الغلاة والمتشددون وبخلاف ما
عليه المتساهلون والمضيعون.
هذا ما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فلا نكون متبعين لهم بإحسان إلا إذا سلمنا من الجهل بطريقتهم، ومن الإفراط والغلو في سلوكها، وسلمنا من التفريط والتساهل فنكون حينئذٍ قد سرنا على منهجهم واتبعنا سبيلهم بإحسان، وهذا هو المنهج السليم الذي عليه أهل السنة والجماعة بخلاف ما عليه الصوفية والمبتدعة، وبخلاف ما عليه الجماعات والحزبيات التي تتبع ما يخطط لها منظروها ورؤساؤها الذين قال عنهم الله تعالى في كتابه: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53].