لماذا سموا الجماعة؟
سمُّوا جماعة؛
لاجتماعهم على الحق؛ لأن من صفتهم وسمتهم اجتماعهم على الحق، لا يريدون للحق
بديلاً، فيرجعون إلى الحق إذا اختلفوا، بأن يرجعوا إلى الكتاب والسنة فيتبين من هو
على الصواب فيتبعونه، كما قال تعالى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ
تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ
تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
فهم إذا اختلفوا في
شيء فإنهم لا يركبون رؤوسهم، وكل يتعصب لرأيه، بل إنهم يرجعون خلافهم إلى كتاب
الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما تبين أنه مطابق للكتاب والسنة
أخذوا به، ولو كان يخالف أقوالهم، وما كان مخالفا للكتاب والسنة تركوه ورفضوه وإن
كان يوافق أهواءهم، وهذه طريقتهم وهذا منهجهم.
أما من لا يرجع إلى
الكتاب والسنة، ويبقى على رأيه وتعصبه، أو ما يخططه له حزبه ولو خالف الحق، أو ما
تهواه نفسه، ويدعي أنه على منهجهم، فهو على غير منهج أهل السنة والجماعة، وإن ادعى
أنه عليه؛ لأن أهل السنة جماعة واحدة ومخالفوهم جماعات وأحزاب، وليس المراد
بالجماعة الكثرة، وإنما المراد بالجماعة: من كان على الحق، ولو كان واحدا فإنه هو
الجماعة، وهو أهل السنة، فمن كان على الحق سواء كانوا قليلين أو كثيرين، فهم
الجماعة.
وأما من خالف الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فإنهم ليسوا من الجماعة ولو كانو كثيرين، قال تعالى: ﴿وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ﴾ [الأنعام: 116].