×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 وقوله: ﴿ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ [آل عمران: 7]، أي: يسلكون هذا المسلك ابتغاء الفتنة؛ من أجل أن يضلوا الناس والعياذ بالله، ويقولون: هذا القرآن يدل على كذا، فباسم القرآن يضلون الناس من غير علم، وهم ليسوا من أهل القرآن حقيقة، وقد يكونون أهل عبادة، وأهل ورع، وأهل صوم وصلاة، ولكنهم ليس عندهم علم ولا فقه، فلم ينفعهم ورعهم، ولا صيامهم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج: «تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ»، يصومون النهار ويقومون الليل حتى أثر ذلك في وجوههم من شدة القيام، والصيام؛ ثم قال صلى الله عليه وسلم: «يَمْزُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ». وقال أيضا: «فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلوهُمُ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ» ([1])، لأنهم يضلون الناس.

فالمسألة ليست مسألة حماس وورع، بل لا بد من العلم والفقه بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يحتاج إلى تعلم وإلى رجوع إلى أهل العلم وأهل المعرفة، فلا يستقل الإنسان بفهمه، فالخوارج والمعتزلة إنما أوقعهم فيما وقعوا فيه: أنهم اعتزلوا العلماء، ووصفوا العلماء بالمداهنين والمتساهلين، فاعتزلوهم وانحازوا لأنفسهم فحصل ما حصل منهم؛ وكل هذا نتيجة لكونهم لم يردوا المتشابه إلى المحكم، ولم يرجعوا في هذا إلى أهل العلم، ولم يأخذوا العلم من أبوابه وأهله، إنما أخذوه اعتباطا من فهمهم، وهذا ليس خاصًّا بهم، فكل من سار على هذا المنهج فإنه يكون منهم؛ كالمتعالمين الآن والتكفيريين والغلاة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6930)، ومسلم رقم (1064).