وطبقوها على العصاة من أهل
السنة والجماعة من المسلمين، وكفروا المسلمين بها، ولم يردوها إلى الآيات
والأحاديث التي تبينها وتقيدها، مثل قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]
وأخذوا: ﴿وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُۥ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا﴾ [النساء: 14]،
فقالوا: العاصي خارج من الدين مخلد في النَّار، ولم يرجعوا إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ
أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48]،
فضلوا بهذا الطريق وزاغوا، ولهذا سماهم الله: أهل الزيغ حيث قال: ﴿فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ﴾، والزيغ: هو الانحراف عن الحق،﴿فَيَتَّبِعُونَ
مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ﴾ [آل عمران: 7]، حيث يأخذون النصوص المتشابهة، ويستدلون
بها على مذهبهم، مثل ما فعل الخوارج، والمعتزلة، والقدرية، ومن سار على نهجهم،
فضلوا وأضلوا، وزاغوا -والعياذ بالله-؛ لأنهم لم يأخذوا العلم من مصادره، فهم
يحتجون بالمتشابه من القرآن -كما يقول الإمام أحمد رحمه الله - ويتركون المُحكم
الذي يقيده، ويفسره، ويوضحه.
فكل من سار على هذا فهو زائغ، سواء قصد الزيغ والتلبيس على الاسلام، أو أنه جاهل مُتعالم، لم يدرس أصول التفسير، وأصول الفقه، والقواعد التي يسير عليها العلماء، ومثل هذا العمل يحتاج إلى علم، ولا يكفي فيه التعالم والحفظ، فهؤلاء هم أهل الزيغ سواء قصدوا الزيغ والتضليل مثل علماء الضلال أم لم يقصدوه، ولكن تكلموا بغير علم مثل المتعالمين والجهال.