×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فـ ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ موقفهم من المحكم والمتشابه أنهم يردون بعضه إلى بعض ﴿يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ [آل عمران: 7] فيردون المتشابه إلى المحكم؛ لأنه كله من الله سبحانه وتعالى، كله كلام الله يفسر بعضه بعضا، يوضح بعضه بعضا، يقيد بعضه بعضًا.

هذه طريقة الراسخين في العلم الذين أخذوا العلم من بابه ومن أصوله، ولم يقتحموه من أعلاه، قال تعالى: ﴿وَلَيۡسَ ٱلۡبِرُّ بِأَن تَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَأۡتُواْ ٱلۡبُيُوتَ مِنۡ أَبۡوَٰبِهَاۚ [البقرة: 189]، فكل شيء يؤتى من بابه، فإذا اقتحمته من غير بابه؛ فإنك لن تصل إلى الغاية التي تريدها؛ لأن للعلم أبوابا ومبادئ وأصول، وله أهل يعلمون ذلك، وهم الذين قال الله فيهم: ﴿وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [آل عمران: 7] أي: المحكم والمتشابه، ﴿كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ فيردون المتشابه إلى المحكم؛ فيفسره ويبينه ويوضحه، فيستفيدون ويفيدون غيرهم، يهتدون ويهدون غيرهم.

﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ [آل عمران: 7] أي: أصحاب العقول السليمة.

ثم دعوا ربهم أن يعيذهم من طريقة الزائغين الذين يأخذون المتشابه ويتركون المحكم فقالوا: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا، يعني: كما زاغت قلوب الذين أخذوا المتشابه وقطعوه من المحكم، واستدلوا به استدلالا فاسدا، فضلوا وأضلوا: ﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوۡمٖ لَّا رَيۡبَ فِيهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ [آل عمران: 9]، وذلك يوم القيامة يجمع الله هؤلاء الذين قالوا في كتابه بغير علم، ويجمع الراسخين في العلم الذين قالوا فيه بعلم،


الشرح