فإذا كان كذلك فلا يكفي
أننا نتعلم القرآن، ونحفظه، ونجوده، ونقرأ بالقراءات السبع أو العشر، إنما المقصود
غير ذلك وأكثر من ذلك: أن نتدبره، قال تعالى: ﴿ك كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ
إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 29]، وقال
سبحانه وتعالى: ﴿أَفَلَا
يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ
فِيهِ ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا﴾ [النساء: 82]، وقال سبحانه: ﴿أَفَلَمۡ
يَدَّبَّرُواْ ٱلۡقَوۡلَ﴾ [المؤمنون: 68] يعني: القرآن، وهذا إنكار عليهم أنهم لم
يتدبروه، وقال جل وعلا: ﴿أَفَلَا
يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ﴾ [محمد: 24].
فلابد من تدبر
القرآن، بمعنى أننا نتفهم هذا القرآن تفمها صحيحًا، ونعرف تفسيره على الوجه
الصحيح، ونعلم ما فيه من الحجج والبينات والأحكام الشرعية، ثم بعد ذلك لا بد أن
نعمل به، فلا يكفي أن نحفظ القرآن ونجوده، ولا يكفي أننا نتدبر ونعرف التفسير،
فهذه كلها وسائل، والغاية هي: العمل بالقرآن الكريم على بصيرة فالعربي يفهمه من
لغته والأعجمي يتعلم اللغة العربية حتى يفهمه كما كان من الأمم التي تعلمت لغة
القرآن ففهمته خير فهم.
ولا يقال نترجم لهم
معانيه بلغتهم كما عليه الحال الآن فهذا عجز وتقصير وقضاء على اللغة العربية حاملة
القرآن، فالأولون ما وقف جهلهم بلغة العرب حاجزا بينهم وبين الإسلام وفهم القرآن
لما جدوا في تعلم اللغة العربية.
فإنزال القرآن باللغة العربية دليل على وجوب تعلمها لفهم القرآن، ولا يقال له تبقى على لغتك ونحن نترجم لك معاني للقرآن.