×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

ولا نعرف مستواهم العلمي، لا نعرف مقاصدهم ونياتهم، فنحن نتوقف في أمرهم، لا نطعن فيهم، ولا نسارع للثقة بهم من غير معرفة، فمن رواة الحديث من إذا كان مجهولا لا تعرف حالته توقفوا عن الرواية عنه؛ لأنهم لا يريدون أن يجازفوا ويمنحوا الثقة لكل أحد، من يعرفون ومن لا يعرفون، فالدين لا بد أن يؤخذ عن توثق وعن يقين وعن معرفة وبصيرة، فعلماء هذه البلاد حسب علمنا بهم أنهم -ولله الحمد- من خيرة العلماء، ولم يقصروا في تعليمنا ولا في توجيهنا، ولا في إرشادنا، فلماذا ننتقصهم ونزهد فيهم، ونلتمس العلم عند غيرهم، ونلتمس التوجيه من غيرهم، هذا خطر عظيم، وللعرب مثل يقولون فيه: «وجهٌ تعرفه ولا وجه تنكره».

السؤال: هناك من الناس من يزهد في دروس العقيدة، ويقول: نحن مسلمون، ولسنا بكفرة أو مشركين حتى نتعلم العقيدة أو ندرسها في المساجد، فما توجيه فضيلتكم حيال هذا؟

الجواب: ليس معنى تدريس وتعليم العقيدة أننا نحكم على الناس في هذه البلد أنهم كفار، بل نحن ندرسها للموحدين، من أجل أن يعرفونها تماما ومن أجل أن يعرفوا ما يناقضها وما يضادها، وكان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الصحابي الجليل يقول: «كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُه عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدرِكَنِي» ([1]).

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «يوشك أن تنتقض غرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية»، فنحن إذا درسنا العقيدة ليس المعنى أننا نحكم على الناس بالكفر،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).