×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 فبعثه الله بل على حين فترة من الرسل ودروس من السبل، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ١٥يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٦ [المائدة: 15- 16]، وفي الآية الأخرى: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ عَلَىٰ فَتۡرَةٖ مِّنَ ٱلرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِنۢ بَشِيرٖ وَلَا نَذِيرٖۖ فَقَدۡ جَآءَكُم بَشِيرٞ وَنَذِيرٞۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ [المائدة: 19].

فبعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم في هذا الوقت العصيب، وقد أظلمت الأرض من الكفر والشرك والإلحاد، ولم يبق فيها من دين الأنبياء إلا الشيء القليل، فدعا إلى الله سبحانه وتعالى دعا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك عبادة الأصنام، ورجوعهم إلى دين أبيهم إبراهيم الخليل، دين التوحيد الخالص لله عز وجل، وأنزل عليه القرآن العظيم الذي لم ينزل كتاب أحسن منه، ولم تعرف البشرية كتابا مثل القرآن العظيم، فهو أعظم الكتب؛ لأن الله سبحانه وتعالى أراد لهذا الكتاب أن يبقى إلى آخر الدنيا، وأن يكون هذا الكتاب للناس جميعا، لا لأمة أو طائفة من الناس، قال تعالى: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان: 1].

فرسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى البشرية، قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا [الأعراف: 158]، وقال: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا [سبأ: 28]، والكتاب الذي أنزله عليه هو لجميع البشرية، بل هو للثقلين: الجن والإنس، إلى أن تقوم الساعة؛ ولهذا تكفل الله بحفظه، فبقي القرآن وسيبقى كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم،


الشرح