×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فعاشوا جميعًا تحت ظل الإسلام: المسلمون جماعة واحدة عربهم وعجمهم، غنيهم وفقيرهم، ذكورهم وإناثهم، شرقيهم وغربيهم، كلهم جماعة واحدة، أسرة واحدة، ومنهجهم واحد وليس هناك مناهج مختلفة ولا أفكار متصارعة، ولا مناهج فكرية كما تسمى، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]، فأصبح المؤمنون -على كثرتهم وانتشارهم في الأرض- إخوة متحابين متناصرين رغم اختلاف ألسنتهم، واختلاف ألوانهم وأوطانهم، وتباعد بلادهم، كانوا إخوة، أمة واحدة، على منهج واحد، لا على مناهج وأفكار مختلفة كما كان من قبل، كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [آل عمران: 103].

هكذا ألف الله سبحانه وتعالى بين القلوب، وجمعها وأذهب ما فيها من الغل والحقد والبغضاء، وأحل محل ذلك المحبة بين المسلمين، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله عز وجل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ وَآدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» ([1])، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ [الحُجُرات: 13]، وقال: ﴿وَإِن يُرِيدُوٓاْ أَن يَخۡدَعُوكَ فَإِنَّ حَسۡبَكَ ٱللَّهُۚ هُوَ ٱلَّذِيٓ أَيَّدَكَ بِنَصۡرِهِۦ وَبِٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٦٢وَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡۚ لَوۡ أَنفَقۡتَ مَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مَّآ أَلَّفۡتَ بَيۡنَ قُلُوبِهِمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيۡنَهُمۡۚ إِنَّهُۥ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٦٣ [الأنفال: 62، 63]،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (5118)، والترمذي رقم (3270)، وأحمد رقم (10781).