ولا ننخدع بمن يظهر
النصيحة منهم، ويظهر الدعوة حتى نعرف حقيقته، وبطانته، ومستواه العلمي؛ لأن أغلب
هؤلاء ليس عندهم علم، وإنما جندوا ضدنا وهم جهال فارغون من العلم، فشحنوا بالأفكار
الخبيثة.
فعلينا أن ننتبه ونقطع
الطريق على دعاة الضلال، فنحفظ أولادنا ونتواصى بالحق، ونتواصى بالصبر، والمسلمون
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الجسد بالسهر والحمى» ([1])، وقد أمرنا الله جل
وعلا أن نقاتل البغاة من المسلمين؛ إذا بغت طائفة على طائفة من المسلمين فإننا
نسعى بالصلح أولا وتسوية النزاع، وكف الشر، فإذا لم يجز الصلح والنصيحة واستمر
أصحاب الأفكار الهدامة على فكرهم الضال؛ فإننا نلجأ إلى القوة لصد كيدهم وإبطال
خططهم، قال الله جل وعلا: ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ
مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا
عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ
فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٩إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ
وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ ١٠﴾ [الحُجُرات: 9- 10].
فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يبدأ الخوارج بالقتال، بل أرسل إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حبر الأمة وترجمان القرآن ليستوعب ما عندهم من الشبهات، ويجيب عليها، فناظرهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بعدما عرضوا عليه شبههم، فأبطلها وبينها بالعلم وأحرق شبهاتهم بنور الإيمان والعلم، فتراجع منهم عدد كبير، وأصر كثير منهم
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2586).