على ما هم عليه، فعند ذلك قاتلهم أمير المؤمنين رضي الله عنه، عملاً بقوله
تعالى: ﴿وَإِن
طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ
فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي
حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الحُجُرات: 9].
فعلينا أن نتنبه
لهذا الأمر، وهذا الخطر الزاحف، وهذا البلاء الداهم، قبل أن يأتي على الأخضر
واليابس، وعند اختلاف الرأي واختلاف الاجتهادات أمرنا الله جل وعلا أن نرجع إلى
كتابه، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لنحسم الخلاف، وننهي النزاع، قال
تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ
مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ
إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ
وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
وقوله: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ﴾ فكلمة ﴿شَيۡءٖ ٍ﴾ في سياق الشرط: تعم كل نزاع بالرجوع فيه إلى كتاب الله، فالرد إلى الله هو الرد إلى كتاب الله، والرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته صلى الله عليه وسلم، والرد إلى سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لقوله: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين»، فردوه إلى الله والرسول، وذلك ﴿إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾، فعلامة الإيمان أن يرجع المسلمين المختلفون إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ فمن شهد له الكتاب والسنة بالإصابة يؤخذ بقوله، ومن شهد له بالخطأ يرجع عن خطيه ويترك، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوۡلَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذَا دُعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ لِيَحۡكُمَ بَيۡنَهُمۡ أَن يَقُولُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [النور: 51]، قوله: ﴿وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾ [النساء: 59]؛ لأن اليوم الآخر هو مرجع الناس كلهم، وكل يجازى بعمله، فالذي يخاف اليوم الآخر لا يستمر في الخطأ، ولا يستمر في الهوى والضلال،