بل يرجع إلى الحق قبل أن
ينتقل إلى الدار الآخرة وهو على غير دين الإسلام، أو على غير الصواب والهدى، ثم
قال: ﴿ذَٰلِكَ خَيۡرٞ﴾ [النساء: 59] أي:
الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، والتحاكم إليهما، فهو خير لكم من البقاء على
النزاع والخصام والتناحر، ثم قال: ﴿وَأَحۡسَنُ
تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] أي: أحسن عاقبة ومصيرا، ويؤول هذا إلى
الخير، أما البقاء على النزاع والشقاق فهذا شر مآلاً.
فعلينا أن نتنبه
لذلك، فالله جل وعلا لم يكلنا إلى آراءنا وأفكارنا واجتهاداتنا؛ بل إنه ردنا إلى
الكتاب والسنة، ولكن يكون الرجوع إلى الكتاب والسنة على أيدي العلماء الراسخين في
العلم، وإلا فكل يدعي إنه يرجع إلى الكتاب والسنة، وأن دليله الآية والحديث، ولكنه
لا يحسن الاستدلال، فالذي لا يعرف الكتاب والسنة، لا يحسن أن يستدل بهما، ولو كان يظن
ذلك، إنما يستدل بالقرآن والسنة: أهل العلم، قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ
أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ
وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ
تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ
يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ
أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [آل عمران: 7]، فيردون المتشابه إلى المحكم، ويفسرون
المتشابه بالمحكم، فيتضح الحق.
أما الذي يقطع الدليل ويأخذ طرف ويترك الطرف الثاني منه فهو من أهل الزيغ، وأهل الضلال، وهذه طريقة الخوارج ومن سار على نهجهم من دعاة الضلال، فإنهم ينزعون آيات من القرآن أو أحاديث من السنة ويقولون: نحن نستدل بالقرآن والسنة ولا يردون المتشابه إلى المحكم، فنقول لهم: كذبتم، لم تستدلوا بالقرآن والسنة؛