كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ومخالفة هذه الفرق المفترقة
عن الحق، قال عليه الصلاة والسلام لما وعظ الناس موعظة بليغة ذرفت منها العيون،
ووجلت منها القلوب، قالوا: يا رسول الله، أين هو موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟،
فقال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله
وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ -وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا-؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ
مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا؛ فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي
وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا
وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛
فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1])، وفي رواية: «وَكُلُّ ضَلاَلَةٍ في النَّارِ» ([2]).
فأمر صلى الله عليه
وسلم بثلاثة أشياء عند ظهور الفتن:
الوصية الأولى: وهي رأس الأمر؛
تقوى الله سبحانه وتعالى، بفعل أوامره، وترك نواهيه، واجتناب ما يغضبه سبحانه
وتعالى.
الوصية الثانية: لزوم السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين؛ لأن في ذلك اجتماع للكلمة وقوة للمسلمين، وانخذالا لعدوهم، فإن المسلمين ما داموا مجتمعين على طاعة إمامهم وولي أمرهم يكونون أقوياء، يجاهدون في سبيل الله أهل الباطل بالحجة، وبالسيف؛ لأنهم أمة مجتمعة متعاونة تحت ولاية ولي أمرهم، فالسمع والطاعة واجتماع الكلمة وطاعة ولي أمر المسلمين مما ينجي الله به الأمة، كما في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59].
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4609)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).