وعليه من اقتدى بهم وسار
على منهجهم إلى أن تقوم الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللهِ لاَ
يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ
اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» ([1])، فقوله: «لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ
خَالَفَهُمْ»، يدل على أنهم سيأتي من يخذلهم ومن يخالفهم، ولكن لا يهمهم ذلك، بل
يأخذون طريقهم إلى الله عز وجل، ويصبرون على ما يصيبهم، كما قال لقمان لابنه وهو
يعظه: ﴿يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ
وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ
إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ ١٧وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ
فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ ١٨وَٱقۡصِدۡ
فِي مَشۡيِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ
١٩﴾ [لقمان: 17- 19].
هذا منهج السلف، وهذا سمتهم، وهذه صفتهم، والله جل وعلا قال: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]، فنسب تعالى الصراط إلى نفسه، نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه، ﴿هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا﴾ يعني: معتدلا، ﴿فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ﴾، فدل على أن هناك سبلا كثيرة، ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ﴾ هذه المناهج المخالفة لمنهج السلف، ﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ﴾، ثم قال: ﴿ذَٰلِكُمۡ وَصَّىٰكُم﴾ بعد قوله: ﴿فَٱتَّبِعُوهُۖ﴾ ﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ أي: تتقون الله، وتتقون الضلالات، وتتقون الشبهات، وتتقون ما يعترض طريقكم في سلوككم لهذا الصراط من الصوارف والمغريات أو التهديدات.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3641).