×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

وكثرت الفرق، وكثر المخالفون لا تلتفت إليهم؛ لأنك مقتنع بما أنت عليه وهو صراط الله عز وجل، ﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7] أي: غير صراط المغضوب عليهم، والمغضوب عليهم: هم الذين عندهم علم ولم يعلموا به، مثل اليهود وكل من عندهم علم ولكنهم لم يعملوا به، والعلم إذا لم يعمل به صار حجة على صاحبه يوم القيامة، كقول القائل:

والعلم إن كان أقوالاً بلا عمل
 

فليت صاحبه بالجهل منغمر
  

لابد من العمل، فعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر، فما الفائدة من شجر بلا ثمر؛ ولذلك غضب الله عليهم؛ لأنهم عندهم علم ولم يعملوا به فاستحقوا غضب الله سبحانه وتعالى، ومقته وسخطه عليهم، وإن كانوا يرون أنهم وهم أهل التقدم والرقي والحضارة إلى آخر ما يدعونه فإنهم على ضلال، وعلى غضب من الله سبحانه وتعالى.

ثم قال: ﴿وَلَا ٱلضَّآلِّينَ [الفاتحة: 7] أي: غير سبيل الضالين، وهم الذين يعملون، ويعبدون الله، ويجتهدون ويزهدون، ولكن على غير علم وهدى من الله سبحانه وتعالى، فعملهم هباء منثور لا يفيد شيئا؛ لأنهم ضالون عن الطريق، ضالون عن الصراط المستقيم فعملهم تعب بلا فائدة، ومن هؤلاء النصارى، حيث أنهم عندهم عبادة ورهبانية ولكنهم على غير علم، ﴿وَرَحۡمَةٗۚ وَرَهۡبَانِيَّةً ٱبۡتَدَعُوهَا مَا كَتَبۡنَٰهَا عَلَيۡهِمۡ إِلَّا ٱبۡتِغَآءَ رِضۡوَٰنِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوۡهَا حَقَّ [الحديد: 27]، فهم على ضلال وخطأ، والعبرة ليست بالجد والاجتهاد من غير إصابة للحق، ومن غير طريق صحيح، فالصوفية -مثلاً- في الإسلام هم على طريق النصارى، يعبدون الله ويزهدون ويجتهدون ويعتزلون الناس، ولكنهم لا يتعلمون، بل يزهدون في العلم،


الشرح