يقولون للناس: اعملوا، فإن
العلم يشغلكم عن العمل، فهم يزودون الناس في تعلم العلم، وفي الجلوس إلى العلماء،
وأخذ العلم من عنهم، ويقولون: ويرون أن العلماء مقصرون ويعيقون الناس عن العمل،
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية يقولون: العلم ليس بالتعلم، بل يأتي تلقائيًا، فإذا
اجتهد الإنسان في العبادة فتح الله عليه، وجاءه العلم بدون تعلم، وهذا ضلال،
فلنحذر منه، فالعلى بالتعلم، ولا يمكن الحصول على العلم دون التعلم بالتلقي عن أهل
العلم وأهل البصيرة، والعلم قبل القول والعمل، قال الإمام البخاري رحمه الله في
صحيحه: «باب: العلم قبل القول والعمل»،
ثم ذكر قول الله تعالى: ﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ
لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾ [محمد: 19]، فاعلم
أنه لا إله إلا الله، أي تعلم ذلك أولا، ثم استغفر، واعمل بعد ذلك، فلا بد من
العلم، فالعلم هو الدليل إلى الله سبحانه وتعالى، والله أنزل الكتاب وأرسل الرسول
ليدلنا على الطريق الصحيح الذي نسير عليه وهو العلم النافع، والعمل الصالح، ولم
يكلنا إلى أذواقنا وآرائنا.
قال الله جل وعلا: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ﴾ [التوبة: 33]، الهدى: هو العلم النافع، ودين الحق: هو العمل الصالح، فلا بد من جمع الأمرين: العلم النافع والعمل الصالح، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أنه لم يأت بالعلم فقط دون عمل، ولم يأت بعمل دون علم، فهما قرينان متلازمان، فلا بد أن يكون العمل مؤسسًا على علم، وعلى بصيرة، ولابد للعالم أن يعمل بعلمه، وإلا فالعالم الذي لا يعمل بعلمه، والعامل الذي لا يسير على علم كل منهما هالك، إلا من عنده علم نافع وعمل صالح، وهذا هو الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم،