وكذلك إذا كان البغي على
إمام المسلمين في شق عصا الطاعة إذا أراد جماعة من المؤمنين شق عصا الطاعة بحجة
الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بزعمهم، كما هو مذهب المعتزلة، ويرون أن ولي
الأمر مقصر، فهؤلاء بغاة، ويجب على ولي الأمر وعلى المسلمين قتالهم إذا لم يقبلوا
النصح، حتى يرتدعوا لكيلا يتسع الخرق على الراقع ويحصل سفك دماء ويحصل زعزعة أمن،
وتحصل جرائم.
فلأجل ذلك يجب قتال
البغاة، وقد ذكر العلماء بابا من أبواب القتال هو «قتال البغاة»، وقتال أهل البغي وهم الذين يخرجون عن طاعة الإمام،
ويشقون عصا الطاعة بحجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا هو المنكر نفسه
وليس معروفا، فشق عصا الطاعة هو المنكر، فيجب قتالهم، ﴿فَقَٰتِلُواْ
ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ
فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الحُجُرات: 9]،
أي: اعدلوا بين الفريقين، فإن الله يحب العادلين، ثم قال جل وعلا معللاً هذا: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ
إِخۡوَةٞ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَ أَخَوَيۡكُمۡۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ
تُرۡحَمُونَ﴾ [الحُجُرات: 10].
هكذا تعالج الأمور: بالإصلاح أولا، فإن لم يجبر الإصلاح القتال حتى يكف الباغي والمعتدي وإن كان مسلما؛ لأن البغي جريمة، فيقاتل الباغي حتى يخضع لحكم الله عز وجل، ثم مسك عن قتاله، ويكف عن قتاله، وإذا بقي شيء من الشبهات ومن الشقاق فإنه يصلح بينهما، ﴿حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ ِ﴾ [الحُجُرات: 9] يعني: ترجع، هذا نوع عظيم من أنواع الصلح.