×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 حقوق الأولاد على الآباء بعد البلوغ:

إذا بلغ الولد وأصبح مستقلا بنفسه ويعرف مصالحه، فالحمد الله انتهت مهمة الوالد مع الولد، أما إذا لم يكن عنده استعداد للاستقلالية بأن كان فقيرا ولا يستطيع الزواج فإن الأب يبادر بتزويجه حماية له.

كذلك من حقوق الأولاد على الوالدين عمومًا: العدل بينهم في العطية، فلا يعطي بعضهم ويحرم البعض الآخر، بدعوى أنه يحبه أكثر!، فإن ذلك لا يجوز، بل يعطيهم بالتساوي؛ لأن بشير بن سعد رضي الله عنه أعطى ولده النعمان عطية، فقالت أمه: «لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم »، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني أعطيت ابني من مرة بني رواحة قطنية فأمرني أن أشهدك يا رسول الله»، فقال صلى الله عليه وسلم: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلدِكَ مِثْل هذا؟، قال: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: «فَاتَّقُوا الله وَاعْدِلوا بين أَوْلادِكُمُ» ([1])، وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم: «فَلاَ تُشْهِدْنِي إذًا فَإِنِّي لاَ أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» ([2])، وفي رواية قال: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً»، قال بشير: بلى، قال: «فَلاَ إِذًا» ([3]). فتعدل بينهم في العطية، فلا تعطي أحدا وتحرم الآخر بل تسوي بينهم في العطية، للذكر مثل حظ الاثنين على قسمة الله سبحانه وتعالى ولا تظهر أنك تحب واحدا دون الآخر، أو تمدحه دون الآخرين، لأن ذلك يوغر صدور بعضهم على بعض، وما حدث ليوسف عليه السلام مع إخوته، خير دليل على ذلك: ﴿إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا [يوسف: 8]، وحصل منهم ما حصل، فلا يظهر الوالد محبة بعض أولاده على الآخرين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2587).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1623).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (1623).