×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

وبعد ذلك حتى لو استقل الولد واستغنى فإنها تبقى علاقة القرابة بين الوالد وأولاده، فأقرب القرابات ما يكون بين عمودي النسب.

فهذه حقوق يجب مراعاتها في حق الأولاد، وأعظمها التربية على طاعة الله عز وجل وعبادته، وتعليمهم وتوجيههم، وإبعاد وسائل الشر عنهم.

والبيت مدرسة يتعلمون منها إما الخير وإما الشر، فيجب إصلاح البيوت؛ لأنها مدارس للعائلة، فحينئذ يكون الوالد قد بذل الأسباب لصلاحهم وبعد ذلك يأتي حق الوالد على الأولاد، خصوصًا إذا كبر وضعف فإنه محتاج إلى البر، ولن يبروه وهو لم يربهم، وإنما يبرونه إذا رباهم على الخير، ﴿وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا [الإسراء: 24]، ويروى في الحديث: «بَرُّوا آبَاءَكُمْ تَبَرُّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ» ([1]).

ليست التربية بتوفير مطالب الولد:

بعض الناس يفهم أن البر بالولد أنك توفر له مطالبه من الطعام والشراب والكسوة والسيارة ووسائل الترفيه، ووسائل الرفاهية، ويرى بعد ذلك أنه وفاهم حقوقهم كاملة، في حين أن مثل هذه الحقوق منقوصة؛ لأن المطلوب هو الجمع بينها وبين التربية القلبية، فالتربية البدنية مطلوبة، ويجب على الأب أن ينفق على أولاده بالعدل، وأن يغنيهم عن التطلع إلى الناس، ولكن هذه ليست كل التربية.

مع أن على المرء أن لا يسرف مع أولاده في النفقة وفي الرفاهية، بل يجب الاعتدال، وليس المقصود بالتربية التربية البدنية بالطعام والشراب... إلى آخره، وإنما التربية القلبية على البر والطاعة والإحسان، وهي التربية المطلوبة، فعلى الوالدين أن ينتبهوا لذلك،


الشرح

([1])  أخرجه: الحاكم رقم (7258)، والطبراني في الأوسط رقم (1002).