×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 حتى ينشأ أولادهم على التربية الحسنة حتى إذا احتاجوهم فيما بعد في الكبر فإن أولادهم الذين ربوهم على الخير يردون لهم الجميل، ﴿وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا، فهذه أسباب الصلاح، والولد إذا صلح صار قرة العين والده في الدنيا، ﴿رَبَّنَا هَبۡ لَنَا مِنۡ أَزۡوَٰجِنَا وَذُرِّيَّٰتِنَا قُرَّةَ أَعۡيُنٖ وَٱجۡعَلۡنَا لِلۡمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان: 74]، يبر به ويحسن إليه، وكذلك في الآخرة يجمع الله بين الوالد وولده في الجنة؛ لتقر عين الوالد، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتۡهُمۡ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلۡحَقۡنَا بِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ [الطور: 21]، يرفع الله درجة الولد إلى درجة أبيه في الجنة؛ لأجل أن تقر عين والده به.

كذلك الولد الصالح يدعو لوالده بعد موته، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أو عِلْمِ يُنْتَفَعُ بِهِ أو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ([1])، فالعمل الباقي بعد الموت:

الأول: الصدقة الجارية، وهي الوقف الذي يقفه الإنسان على البر والخير، وهي صدقة جارية مستمرة.

الثاني: علم ينتفع به بأن يكون قد علم الخير، وعلم الناس العلم النافع أو ألف الكتب وأورثها للناس من بعده، فلا ينقطع ثوابه بعد موته، فالعلماء الذين بذلوا علمهم، ونفع الله بعلمهم، لا ينقطع ثوابهم بعد الموت، بل يستمر، فنحن نرى الآن العلماء السابقين الذين لهم أثر طيب، تدعو لهم الأمة كلما ذكروا، وكلما قرأوا من مؤلفاتهم.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1631).