فرسل المشركين يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للتفاوض ويدخلون عليه
حتى في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويتفاوض معهم، مع أنهم مشركون وكفار، ولكن لا بد
من أن يعرف أن الإسلام ليس دين غضب وانتقام وإنما هو دين هداية ورحمة ورفق، كما
كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وكانت النتيجة أن الله نصر رسوله وأعز دينه،
والذين كانوا يسخرون من النبي صلى الله عليه وسلم صار بعضهم من قادة الإسلام
والمجاهدين في سبيل الله وأسلموا وحسن إسلامهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صبر
عليهم وحلم عليهم ورفق بهم حتى أحبوه، كما قال الله جل وعلا: ﴿إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ
يُوحَىٰ﴾ [القَلَم: 4]، فهذه أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم.
والكفار عندما
يفعلون مثل هذه الأعمال التمثيلية إنما يريدون الإثارة، ويقولون: انظروا إلى
تصرفات المسلمين، يقتلون السفراء ويخربون البيوت، يهدمون المباني، هذا هو دين
الإسلام، والذي يريده الكفار النكاية بالمسلمين، بسبب تصرفات جُهالهم أو المندسين
معهم، فلا يجوز التسرع في هذه الأمور، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ
حَتَّىٰٓ أَتَىٰهُمۡ نَصۡرُنَاۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ وَلَقَدۡ
جَآءَكَ مِن نَّبَإِيْ ٱلۡمُرۡسَلِينَ﴾ [الأنعام: 34].
فهكذا هدي الإسلام مع هذه الأمور: الرفق والتأني والصبر وعدم التسرع، فالمشركون يريدون أن يستثمروا هذه الأمور بما حصل من بعض المسلمين من العنجهية والتخريب والقتل حتى صار المسلمون يتقاتلون بينهم، فالمتظاهرون يتقاتلون مع رجال الأمن من المسلمين، هذا مما يريده الكفار.