عند أهله في المدينة، وإلا فقد شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وكان فاتكًا شجاعًا، فارسًا قويًّا له مواقف في المعارك مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم معروفة.
وقد بارز شجعان
المشركين مع حمزة ومع أبي عبيدة في بدر، وقد نصرهم الله عليهم وقتلوهم، وفي غزوة
خيبر لما طال الحصار على المسلمين وشق عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَأُغْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً
يُفتَحُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ»
([1])، وهذه بشارات
عظيمة، فتطلع الصحابة رضي الله عنهم كل يريد هذه البشارة أيهم يحصل عليها، فأمسوا
ليلتهم يتوقون أيهم يعطى الراية غدا؛ ليحصل على هذه الفضائل العظيمة، حتى قال عمر
رضي الله عنه: «ما أحببت الإمارة إلا
يومئذ»، يريد بذلك أن يحصل على هذه البشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم.
فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبكرين كلهم يرجو أن يعطى الراية، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَيْنَ عَلي؟»، فقالوا: يا رسول الله يشتكي عينيه، أي أصابه الرمد، فدعا به وجيء به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فبصق في عينيه من ريقه الطاهر الطيب الكريم، فبرأت عيناه كأن لم يكن به وجع، وهذا من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أعطاه الراية وقال: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِْسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ الله بِكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» ([2])، فمضى علي رضي الله عنه بالمسلمين يحمل الراية، وحاصر حصن من اليهود في خيبر، وفتح الله على يديه وانتصر المسلمون على اليهود،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3009)، ومسلم رقم (2406).