فبلغت هذه الحجة للعالم الآن، القرآن يتلى في الإذاعات بأرفع صوت، فيسمعه
القاصي والداني، والأحاديث النبوية تقرأ، وبلغ للناس علانية، يسمعها من قرب ومن
بعد، وقد يسمعها البعيد أكثر من القريب، ﴿لِئَلَّا
يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةُۢ بَعۡدَ ٱلرُّسُلِۚ وَكَانَ ٱللَّهُ
عَزِيزًا حَكِيمٗا﴾ [النساء: 165]، فبلغ هذا الدين مبلغ الليل والنهار، ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ
رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ﴾ [التوبة: 33]، فظهر
دين الله على الدين كله، على سائر الأديان، وبلغ المشارق والمغارب، ولا يزال ولله
الحمد.
وهذه الدورات
المباركة هي من هذا المشروع العظيم، الذي هو مشروع تبليغ الدعوة إلى الناس ونشر
العلم إلى الناس، الحاضر يبلغ الغائب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» ([1])، وقال صلى الله
عليه وسلم: «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ
سَامِعٍ» ([2]).
فنحمد الله عز وجل
أن أبقى هذه الحجة، وهذا العلم، ﴿لِّيَهۡلِكَ
مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ﴾ [الأنفال: 42]، الحمد لله رب العالمين، ونسأل الله أن
يوفق القائمين على هذه الدورات المباركة، وأن يوفقهم لمواصلتها وتكرارها، ونقلها
من مكان إلى مكان محتاج إليها، لينتفع بها العباد، وينتشر الخير.
فمثلا: في هذه المحافظة قام هذه الدورة في هذا المسجد هذه المرة، وفي المرة الثانية تُقام في بلد آخر وهكذا حتى ينتشر الخير في المحافظة كلها، فتكون هذه الدورات من العلم النافع الذي هو ميراث الأنبياء،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (104)، ومسلم رقم (1354).