×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

كل الناس بحاجة إلى العلم، كل المسلمين بحاجة إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب والهواء، فحاجتهم إلى العلم أكثر، لأن العلم تحيا به القلوب، وتستنير به البصائر ويدل على الله، وعلى جنته، فهو ألزم من الطعام والشراب والهواء؛ لأن الطعام والشراب والهواء مغذية للأبدان، وأما العلم فهو مغذ للقلب والبصيرة.

فالناس أحوج إليه من حاجتهم للطعام والشراب؛ لأن الإنسان وإن أكل وشرب من أنواع الفواكه وشرب من أنواع الأشربة فإنه ينمي جسمه فقط، وأما إذا تعلم العلم النافع وعمل به فإنما يغذي قلبه بعبادة الله وحده لا شريك له، فلا بد من تعلم العلم، ولا يعفى أحد من تعلم العلم على قدر ما يسر الله له.

ولا يبقى الإنسان على جهله ويقول: أنا جاهل ومعذور بالجهل، فليس معذورا بالجهل ما دام هناك مجال لتعلم العلم ولو قليلا، فهو ليس معذورًا أمام الله سبحانه وتعالى، فهذه الدورات في الحقيقة إنما هي مشاريع عظيمة ومفيدة نوصي بإقامتها وبحضورها أينما وجدت، ومتابعتها مهما أمكن فإنها هي الحياة لمن وفقه الله سبحانه وتعالى.

فالعلم يحتاجه المسلمون عمومًا لعباداتهم ومعاملاتهم وأقضيتهم ومشكلاتهم وخصوماتهم حيث إنه لا بد من العلم الشرعي؛ لأن الله أنزل هذا العلم ليكون كما فيما بين الناس فيما يختلفون فيه، فالله أنزل الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، قال تعالى: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ [الشورى: 10]. وقال تعالى: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59] فالرد إلى الله هو الرد إلى كتاب الله،


الشرح