كانت القبائل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون، ثم يذهب من شبابهم
وأفرادهم إلى المدينة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فيصلون معه ويتعلمون منه
الصلاة، ويستمعون إلى دروسه ومواعظه وتعليمه، ثم إذا لبثوا مدة كافية رجعوا إلى
قومهم بما حصلوا من العلم فنشر وه في قومهم، فهذا هو سبيل المسلمين في عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم، وفي كل عهودهم.
فلا بد من العلم
بنوعيه: فرض العين وفرض الكفاية، فإذا تركته الأمة هلكت وضاعت، ولكن والحمد لله لا
يزال هذا الخير موجودا، ولما ضعفت العناية بدروس العلم في المساجد والحلقات التي
كانت متوفرة فيما سبق، يسر الله هذه المدارس الإسلامية والمعاهد العلمية، وكليات
الشريعة، يسر الله وجودها للمسلمين، وكان شباب المسلمين يلتحقون بها، فيسدون حاجة
المسلمين، وما يحصل من هذه الدورات والحلقات العلمية فيه خير كثير، ولله الحمد
والمنة، وفيه إقامة الحجة على العباد.
وهذا من معجزات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لأن الله بعثه للناس كافة بشيرا ونذيرًا إلى العرب والعجم، والجن والإنس، فبلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، ولكن لما كان الموت مكتوبا على كل العباد، ﴿وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ﴾ [الأنبياء: 34]، فالنبي صلى الله عليه وسلم توفاه الله سبحانه وتعالى وخلفه صحابته الكرام الذين قاموا بالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى نشر العلم، فنشروا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، ثم جاء جيل التابعين من بعد الصحابة، ثم جاء جيل أتباع التابعين والقرون المفضلة، ثم توالى الخير في الأمة ولله الحمد، ولما كثر الشر والفتن فإن الله سبحانه وتعالى تكفل بأن يبعث على رأس كل مائة سنة في هذه الأمة من يجدد لها دينها،