ثم تتابع الصحابة بالإيمان، وكانوا مضطهدين في مكة ولا يتمكنون من الخروج
للطواف بالبيت إلا بعد مشقة، إلى أن أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأعز الله
به الإسلام والمسلمين، ثم أسلم عمه حمزة بن عبد المطلب، فصار المسلمون في عزة
وقوة، يخرجون إلى المسجد الحرام ومعهم عمر وحمزة ولا يستطيع أحد أن يعترضهم، ثم
تتابع الخير، والإسلام والإيمان، كما قال جل وعلا: ﴿مُّحَمَّدٞ
رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ
بَيۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ
وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ
مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ﴾ [الفتح: 29]، ومثلهم في الإنجيل أي صفتهم في الإنجيل
الذي أنزل على عيسى عليه الصلاة والسلام: ﴿كَزَرۡعٍ
أَخۡرَجَ شَطَۡٔهُۥ﴾، أي فراخه، ﴿فََٔازَرَهُۥ
فَٱسۡتَغۡلَظَ فَٱسۡتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِۦ يُعۡجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
ٱلۡكُفَّارَۗ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
مِنۡهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمَۢا﴾ [الفتح: 29].
ثم ما زال المشركون يضايقونه في مكة، وقد توفيت زوجته خديجة، وتوفي عمه أبو طالب في عام واحد، فتسلط المشركون عليه أكثر من ذي قبل، فخرج إلى الطائف يعرض دعوته على أهلها لعلهم يناصرونه فما وجد إلا الرد والتعنيف، بل إنهم سلطوا عليه السفهاء والصغار يرمونه بالحجارة عليه الصلاة والسلام، حتى أدموا عقبه عليه السلام، ورجع إلى مكة محزونا، قد خرج من مكة ورجع إليها محزونا، ولم يحصل على ما أراد، ولم يستطع دخول مكة إلا بجوار واحد من المشركين هو المطعم بن عدي القرشي، فأجاره حتى دخل مكة، ثم إن المشر كين خطوا خطة شيطانية، فحاصروا النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه في الشعب، وقاطعوهم، ومنعوا عنهم الأرزاق، ومنعوا الاتصالات بهم، كتبوا صحيفة للمقاطعة وعلقوها على الكعبة المشرفة، واشتد الحصار على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه،