×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

فلا ييأس الإنسان من النتيجة الطيبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما كثرت المخالفة وعظمت، فإن الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا ييأس، ويقولن: لا فائدة، بل على الأقل يبرئ ذمته، ولا يعدم ممن يستجيب له، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابِۢ بَ‍ِٔيسِۢ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ [الأعراف: 165].

ذكر أنه أنجى الذين ينهون عن السوء، فالذين أنكروا المنكر نجوا، وذكر الذين باشروا وعصوا الله أن الله أخذهم بعذاب بئىس -والعياذ بالله-، عذاب شديد، وسكت عن الذين سكتوا فلا يدري هل هم من الناجين أو مع الهالكين؟ والظاهر -والله أعلم- أنهم مع الهالكين، ولكن يبعثهم الله يوم القيامة على نياتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم لما سألته أم المؤمنين، قالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» ([1])، فيهلكون ويهلك الصالحون معهم إذا لم ينكر عليهم، وسئل صلى الله عليه وسلم عن الجيش الذي يغزو الكعبة، ويخسف الله به الأرض، ومعهم سوقتهم وعمَّالهم، ومن ليس منهم فقال: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ([2]).

ولما ذكر ما حدث للأمم السابقة في سورة هود، لما كفرت بالله وعصت الرسل، وذكر ما حل بهم من الدمار والهلاك والبوار، قال سبحانه: ﴿فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ [هود: 116]، ﴿فَلَوۡلَا بمعنى: هلا، ﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ التي هلكت من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ﴿إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ [هود: 116]، فقليل أنكروا ونجوا،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3346)، ومسلم رقم (2880).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2118).