فلا ييأس الإنسان من النتيجة الطيبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مهما
كثرت المخالفة وعظمت، فإن الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا ييأس، ويقولن: لا
فائدة، بل على الأقل يبرئ ذمته، ولا يعدم ممن يستجيب له، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا
ذُكِّرُواْ بِهِۦٓ أَنجَيۡنَا ٱلَّذِينَ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِينَ
ظَلَمُواْ بِعَذَابِۢ بَِٔيسِۢ بِمَا كَانُواْ يَفۡسُقُونَ﴾ [الأعراف: 165].
ذكر أنه أنجى الذين
ينهون عن السوء، فالذين أنكروا المنكر نجوا، وذكر الذين باشروا وعصوا الله أن الله
أخذهم بعذاب بئىس -والعياذ بالله-، عذاب شديد، وسكت عن الذين سكتوا فلا يدري هل هم
من الناجين أو مع الهالكين؟ والظاهر -والله أعلم- أنهم مع الهالكين، ولكن يبعثهم
الله يوم القيامة على نياتهم، كما قال صلى الله عليه وسلم لما سألته أم المؤمنين،
قالت: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نَعَمْ
إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ» ([1])، فيهلكون ويهلك
الصالحون معهم إذا لم ينكر عليهم، وسئل صلى الله عليه وسلم عن الجيش الذي يغزو
الكعبة، ويخسف الله به الأرض، ومعهم سوقتهم وعمَّالهم، ومن ليس منهم فقال: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ
يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ» ([2]).
ولما ذكر ما حدث للأمم السابقة في سورة هود، لما كفرت بالله وعصت الرسل، وذكر ما حل بهم من الدمار والهلاك والبوار، قال سبحانه: ﴿فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [هود: 116]، ﴿فَلَوۡلَا﴾ بمعنى: هلا، ﴿فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ التي هلكت من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ﴿إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ﴾ [هود: 116]، فقليل أنكروا ونجوا،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3346)، ومسلم رقم (2880).