لأن الخير لا يعدم، ولله
الحمد مهما كثر الشر، فالخير موجود، ﴿وَٱتَّبَعَ
ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ﴾ [هود: 116]، فدل
على أنه لو كان فيهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لما حصل لهم هذا الدمار
والهلاك.
إذا، فالأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانة للمجتمع من الهلاك، وكما ضرب النبي صلى الله عليه
وسلم مثلاً للقائم على حدود الله، والواقع فيها: «كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا على سَفِينَةٍ» في البحر، «أَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا، وَبَعْضُهُمْ
أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إَذَا اسْتَقَوا مِن الْمَاءِ
مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ» ليستقوا الماء من عندهم، «فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ
مَنْ فَوْقَنَا». قال: صلى الله عليه وسلم «فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا»، أي: هلك
الأعلون والأسفلون، لأن الماء إذا دخل السفينة غرقت كلها، فلو تركوهم يخرقون
السفينة -مع أن قصدهم أنهم لا يضايقون من فوقهم- هلكوا جميعا، «وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا
وَنَجَوْا جَمِيعًا» ([1]).
وهكذا يؤخذ على يد المخرِّب السفيه، لئلاَّ يهلك نفسه، ويهلك المجتمع، وهذا مثال واضح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقرر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الشر لا يُتركون، لأنهم إذا تُركوا تسببوا. في هلاك المجتمع كله، فيجب على أهل العقول وأهل الإيمان والعلم أن يأخذوا على أيدي السفهاء شفقة عليهم من الهلاك، وشفقه على المجتمع كله، والآن في مجتمعنا من ينادون بتجاوز أهل الخير وأهل العلم ويقولون: ليسوا أوصياء علينا، فلنا حريتنا، ويشبهون أهل الخير برجال الكهنوت من النصارى، ويأمرون بالخروج عليهم!
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2493).