×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

 بأن ينهى الناس ويحذرهم، ويبين لهم أن هذا منكر وهذا حرام إذا كان عنده علم ويرى المنكر فلا يسعه السكوت، بل يبين للناس، ويدعوهم إلى الله، ويحذرهم من العقوبة، ويرغبهم في التوبة، ويبين لهم أن هذا شيء حرام وخطير، هذا من ناحية.

الناحية الثانية: أنه -أيضًا- مع أنه يبين للناس وينكر بلسانه، كذلك يتصل بمن لهم السلطة، ويبلغهم عن المنكر ومكانه، ومن يقوم به، فلا يسكت، فأنت لو رأيت حريقا شب في محل هل تسكت؟ لا؛ لأنه يحرق المجتمع كله، والبلد كله، ولذا فإنك تبادر بالاتصال بالدفاع المدني ولا تسكت، ولهذا أشد من الحريق، فالمعاصي والذنوب أشد من الحريق، فيجب أن تبلغ من يعنيهم الأمر ليزيلوا لهذا المنكر، ولا تسكت وتقول: هذا لا يعنيني! بل هو يعنيك ما دام أنك تقدر على الإنكار بلسانك، وتقدر على البلاغ للمسؤولين؛ إما مشافه، وإما مكالمة، وإما مكاتبة، وإما أن توصي من يبلغهم، فلا بد من هذا.

فإذا لم تستطع بأن تكون ليس عندك استطاعة ومعرفة بالمنكر والأحكام الشرعية، أم ما مُكِّنت من الكلام ومنعت منه، فعندك القدرة على الكلام، ولكن منعت من ذلك فإنك تنكره بقلبك، ولا يسقط عنك إنكار المنكر، وإذا أنكرت المنكر بقلبك فإنك تبتعد عنه وعن أهله ولا تجالسهم، ولا تقل: أنا من بقلبي، وتجلس معهم، فإن هذا لا يجوز، بل تبتعد عن مكان المنكر الذي لا تستطيع تغييره، لا باليد ولا باللسان، تبتعد عن مكانه وعن أهله، حتى تسلم بنفسك، ولهذا قالوا: هلك من لم ينكر المنكر بقلبه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (50).