×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الرابع

ويكون إنكارك للمنكر منكرًا: إذا كان بغير الطريقة الشرعية، فهذا منكر، فتكون أنت أشد جرما من العاصي في إنكارك عليه على غير الطريقة الشرعية، فلا بد من الرفق والحلم، والتمشي على الطريقة الشرعية في إنكار المنكر، ويكون عند حسن ظن وعدم اليأس، والتأني مع العاصي، وأخذه بالسعة والرفق والمعالجة.

كان رجلان من بني إسرائيل ذكرهما النبي صلى الله عليه وسلم، أحدهما يقع في المعاصي، والآخر رجل صالح، وكان الصالح ينهى هذا العاصي كلما رآه على المعصية، فنهاه أول يوم، ونهاه ثاني يوم، ثم لما تكررت منه المعصية أخذه الغضب، فقال: «وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ الله لِفُلانٍ». أخذه الغضب، وقنَّط من رحمة الله، وقال: «وَاللهِ لا يَغْفِرُ الله لِفُلانٍ» فغضب الله عليه، وقال: «مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَتَّى عَلَيَّ أَني لا أَغْفِرَ لِفُلانٍ» -أي: يحلف عليَّ- «أَني لا أَغْفِرَ لِفُلانٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ» ([1]).

فالعاصي يرجو مغفرة الله- ولو كان عاصيًا-، ما دام إنه مؤمن، ولا يقنط من رحمة الله، وكذلك أخوه الذي ينهاه لا يسيء الظن به، ويجزم أنه لن يتوب، ويجزم أن الله لن يغفر له، فهذا سوء أدب مع الله، وسوء أدب مع أخيه العاصي، فهو أخوه -وإن كان عاصيًا-، عليه بالرفق به، فهذا يكون في حال الإنكار.

الشرط الثالث: بعد الإنكار: وهو الصبر على ما ينالك من جراء إنكار المنكر، ومتابعة الناس، فقد ينالك أذى، وينالك كلام سيء، وقد تهدد أو تضرب أو تجرح، فعليك بالصبر، ولا تقل: ما دام إنهم غير قابلين، وأن لن أسلم منهم، فسأتركهم، لا؛ بل اصبر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فلن تستمر إذا لم يكن عندك صبر.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2621).