وهذه موعظة للمسلمين إلى يوم القيامة، أنهم إذا خالفوا أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم فإنهم عُرْضة لأن تنالهم العقوبة، فإذا كان أفضل الأمة - وهم الصحابة -
حصلت عليهم العقوبة بسبب مخالفة بعضهم! فكيف بالذين يخالفون في أكثر من هذا؟! ولا
حول ولا قوة إلاَّ بالله.
* «وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ» «الرَّبَاعِيَة»: السن التي بعد الثنية
من الجانبين.
فأسنان الإنسان تنقسم إلى ثنايا أربع من أسفل ومن أعلى، وإلى رَبَاعِيَات
من أسفل ومن أعلى، وإلى أنياب من أسفل ومن أعلى، ثم بعد ذلك الأضراس.
والنبي صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الخلق - كُسِرت سِنه الرَّبَاعِيَة
في هذه الواقعة، ولم يَسْلَم من العقوبة التي حلَّت بالمسلمين لمخالفتهم أمره صلى
الله عليه وسلم.
فدل ذلك على بطلان عبادته، وأنه رسول مبلِّغ عن الله عز وجل، ولا يملك
نفعًا ولا ضرًّا، بل لا يستطيع أن يدفع عن نفسه صلى الله عليه وسلم ما كتبه الله
عليه! فشُج عليه الصلاة والسلام، وكُسِرت رَبَاعِيَته، وهُشِّم المِغْفَر على
رأسه، وغاصت حَلْقتان في وجنته صلى الله عليه وسلم، وسقط في حفرة، حتى أشاع
المشركون أن محمدًا قد قُتِل، وحصل على المسلمين مصيبة أكبر من مصيبة القتل!! كل
هذا بسبب هذه المعصية!
وما أصابه صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة رفعة لدرجاته، ودليل على أنه
بشر، إذا قَدَّر الله عليه شيئًا فإنه لا يمتنع منه، فلا تجوز عبادته من دون الله!
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم بشرًا، ولا يستطيع أن يدفع الضر عن
نفسه، فغيره من باب أَوْلى! هذا برهان واضح!