فهؤلاء أسلموا، وحُسن إسلامهم رضي الله عز وجل عنهم، مع أنهم آذَوا الرسول
صلى الله عليه وسلم وقاتلوه، وآذَوا المسلمين، ولكن مَنَّ الله عليهم بالهداية.
ولهذا المعنى قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ
أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص: 56] يعني:
إنك لا تُدْخِل الإيمان في قلب مَن تريد؛ فهذا لا يقدر عليه إلاَّ الله! ولكنه صلى
الله عليه وسلم يَهدي بمعنى يَدل ويُرشد، فهذا مما يملكه الرسول صلى الله عليه
وسلم؛ يملك هداية الدعوة والإرشاد والبيان، لكنه لا يملك هداية التوفيق والإيمان؛
إنما هذه لله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم له هداية الدلالة والإرشاد فقط؛
كما في قول الله عز وجل: ﴿وَإِنَّكَ
لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [الشورى: 52].
فالحاصل: أن هذه الآية: ﴿لَيۡسَ
لَكَ مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٌ﴾ وما جاء في سبب نزولها - فيها دليل على بطلان الشرك؛
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه سادة المهاجرين والأنصار حصل عليهم من الضرر
والهزيمة في وقعة أُحُد ما حصل، وهم سادات الأولياء، فدل على أنه لا يجوز التعلق
بغير الله سبحانه وتعالى؛ لأن هؤلاء لم يستطيعوا الدفع عن أنفسهم، فكيف يدفعون عن
غيرهم؟! ولأن المخلوق مهما كان فإنه مخلوق، وهو فقير إلى الله سبحانه وتعالى، قال
الله عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
أَنتُمُ ٱلۡفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ﴾ [فاطر: 15].
وهذه القصة فيها دليل على جواز القنوت في النوازل، فإذا نزل بالمسلمين
نازلة يقنت الإمام في صلاة الفجر، في الركعة الأخيرة بعد الركوع، يدعو على الأعداء
الذين داهموا المسلمين وحاصروهم. وهذه