عبادة
غير الله شرك بالله، فإنهم كانوا يقولون في تلبيتهم: «لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ
إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ» ([1]).
فسبحان
الله! كيف جاز في عقولهم أن المملوك يكون شريكًا لمالكه؟! وقد قال عز وجل: ﴿ضَرَبَ
لَكُم مَّثَلٗا مِّنۡ أَنفُسِكُمۡۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم
مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ فَأَنتُمۡ فِيهِ سَوَآءٞ تَخَافُونَهُمۡ
كَخِيفَتِكُمۡ أَنفُسَكُمۡۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لِقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ
٢٨ بَلِ
ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَهۡوَآءَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ فَمَن يَهۡدِي مَنۡ
أَضَلَّ ٱللَّهُۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّٰصِرِينَ ٢٩﴾ [الروم: 28- 29].
قوله:
«لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا»: هذا هو معنى ما تقدم؛ من أنه عز وجل
هو المتصرف في خلقه بما شاء، مما اقتضته حكمته في خلقه وعلمه بهم. والعبد لا يَعلم
إلاَّ ما عَلَّمه الله، ولا ينجو أحد من عذابه وعقابه إلاَّ بإخلاص العبادة له
وحده والبراءة من عبادة ما سواه، كما قال عز وجل: ﴿إِنَّهُۥ
مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ
وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ﴾ [المائدة: 72].
والنبي
صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنذر الأقربين نِذارة خاصة، وأخبر أنه لا يغني
عنهم من الله شيئًا، وبَلَّغهم وأعذر إليهم.
فأنذر قريشًا ببطونها، وقبائل العرب في مواسمها، وأنذر عمه وعمته وابنته وهم أقرب الناس إليه، وأخبر أنه لا يُغني عنهم من الله شيئًا، إذا لم يؤمنوا به، ويَقبلوا ما جاء به من التوحيد وترك الشرك به.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1185).