×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

قوله: «سَلِينِي مِنْ مَالِي مَا شِئْتِ»: لأن هذا هو الذي يَقدر عليه صلى الله عليه وسلم.

وما كان أَمْره إلى الله عز وجل فلا قدرة لأحد عليه؛ كما في هذا الحديث.

ولما مات أبو طالب - وكان يحوط رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحميه - ولم ينكر ملة عبد المطلب من الشرك بالله، وقال صلى الله عليه وسلم: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» ([1])، فأنزل الله عز وجل: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن يَسۡتَغۡفِرُواْ لِلۡمُشۡرِكِينَ وَلَوۡ كَانُوٓاْ أُوْلِي قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ [التوبة: 113].

فأخبر أن أبا طالب من أصحاب النار، لما مات على غير شهادة أَنْ لا إله إلاَّ الله، فلم ينفعه حمايته للنبي صلى الله عليه وسلم من أن يكون من المشركين، ولا الاعتراف بأن النبي صلى الله عليه وسلم على الحق بدون البراءة من الشرك؛ لأنه لم يبرأ من ملة أبيه.

فكل تَعَلُّق على غير الله؛ مِن طلب لشفاعة أو غيرها - شِرك بالله، يكون عليه وبالاً في الدنيا والآخرة.

والشفاعة لا تكون إلاَّ لأهل الإخلاص خاصة؛ كما قال عز وجل: ﴿وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ [الأنعام: 51].

والآيات في هذا المعنى كثيرة، وكذلك الأحاديث، والله أعلم، وسيأتي في باب الشفاعة إن شاء الله تعالى.

**********


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1360)، ومسلم رقم (24).