قال: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ: ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ » هذا في مكة قبل
الهجرة، أَمَره الله عز وجل أن ينذر عشيرته الأقربين؛ كما أمره الله أن ينذر الناس
عامة؛ لأنه رسول إلى العالَم كله: ﴿لِيَكُونَ
لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1]، فرسالته صلى الله عليه وسلم عامة
للثَّقلين - الجن والإنس - وقد بَلَّغ البلاغ المبين، ولكنه اختص عشيرته لأمر الله
له بذلك.
وفي هذا دليل على وجوب المبادرة إلى فعل الأوامر، فإنه صلى الله عليه وسلم
لما نزل عليه قول الله عز وجل: ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ بادر بتنفيذ ذلك وإبلاغه.
ففيه دليل على وجوب المبادرة بامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى، وأن
الإنسان لا يتوانى إذا بَلَغه أمر من أوامر الله، أو أَمْر من أوامر رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فإنه يبادر إلى تنفيذه ولا يتوانى، قال الله عز وجل: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ
وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ
مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ﴾ [الأحزاب: 36].
والإنذار معناه: الإخبار والتحذير من وقوع أمر مكروه. وأما البشارة فهي:
الإخبار عن أمر سار.
فالله عز وجل بَعَث هذا النبي بشيرًا ونذيرًا، بشيرًا للمؤمنين بالخير
والجنة، ونذيرًا للكافرين بالنار والعذاب، إلاَّ أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى.
والعشيرة: جماعة الرجل الذين ينتسب إليهم.
والأقربون: هم أقرب الناس إلى الإنسان. لأن القرابة تتفاوت، منهم: القرابة
القريبة كالآباء والأمهات، والإخوان والأخوات،