فإذا تقرر أنهم لم يَخلقوا أنفسهم ولم يخلقوا غيرهم، بَطَلت عبادتهم!
وهذا برهان قاطع من براهين التوحيد وبطلان الشرك.
والبرهان الثاني: قد يقولون: «نعم،
إنها ما تخلق شيئًا، لكنها تستطيع أن تنصرنا وتعيننا». فأبطل الله عز وجل ذلك
بقوله: ﴿وَلَا
يَسۡتَطِيعُونَ لَهُمۡ نَصۡرٗا وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ﴾ [الأعراف: 192].
فهذه المعبودات لا تستطيع أن تنصر مَن دعاها أو طلبها؛ لأنها جمادات وأشجار
وأحجار، أو أموات في القبور لا يستطيعون أن ينصروا مَن دعاهم أو استغاث بهم، بل ﴿وَلَآ أَنفُسَهُمۡ
يَنصُرُونَ﴾ فلو أن بعض هؤلاء المعبودين أصابهم شيء، ما استطاعوا أن
يدفعوه عن أنفسهم. وإذا كانوا كذلك فكيف يدفعون عن غيرهم؟!
فبإمكان أصغر طفل أن يكسر صنمًا من هذه المعبودات، ولا يستطيع الصنم أن
يمنع نفسه من هذا الطفل!
كذلك لو أن ذبابًا أَخَذ ما على الصنم، ما استطاع الصنم أن يسترده، ﴿وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ
شَيۡٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ﴾.
وقد كان رجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعبد صنمًا، ويُطَيِّبه
وينظفه، وكان له ولد صالح مؤمن - كان ولده صحابيًّا - فكان يأتي على هذا الصنم في
غياب أبيه ويلطخه بالقذارة، ثم يأتي أبوه فينظفه ويُطَيِّبه، ويضع عنده سلاحًا،
ويقول له: «انتصِرْ لنفسك، لا تترك أحدًا
يعتدي عليك» فإذا جاء ثانية وجده ملطخًا ومنجسًا.