وقوله: ﴿وَٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَا
يُنَبِّئُكَ مِثۡلُ خَبِيرٖ﴾ [فاطر: 13- 14].
ابتدأ
عز وجل هذه الآيات بقوله: ﴿ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ
لَهُ ٱلۡمُلۡكُۚ﴾ [فاطر: 13] يخبر الخبير أن المُلْك له وحده، والملوك
وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره؛ ولهذا قال: ﴿وَٱلَّذِينَ
تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مَا يَمۡلِكُونَ مِن قِطۡمِيرٍ﴾ فإِنَّ مَن كانت
هذه صفته فلا يجوز أن يُرْغَب في طلب نفع أو دفع ضُر إلى أحد سوى الله عز وجل
وتَقَدَّس، بل يجب إخلاص الدعاء له، الذي هو من أعظم أنواع العبادة.
وأخبر
عز وجل أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئًا، وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم. ولو
فُرض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم، وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم، أي:
ينكرونه ويتبرءون ممن فَعَله معهم.
فهذا
الذي أخبر به الخبير الذي﴿لَا يَخۡفَىٰ عَلَيۡهِ
شَيۡءٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [آل عمران: 5].
وأخبر أن ذلك الدعاء شرك به، وأنه لا يغفره لمن لقيه به.
فأهل
الشرك ما صَدَّقوا الخبير، ولا أطاعوه فيما حَكَم به وشَرَع! بل قالوا: إن الميت
يسمع، ومع سماعه ينفع!! فتركوا الإسلام والإيمان رأسًا، كما ترى عليه الأكثرين من
جهلة هذه الأمة.
**********
في هاتين الآيتين من سورة فاطر
برهان على بطلان الشرك وصحة التوحيد.