×
تعليقات على كتاب قرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين الجزء الثاني

 وهذا فيه: أن من وسائل التعليم ضرب الأمثلة للطلاب حتى يفهموا.

وذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يفسر قول الله عز وجل: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153]، حيث خَطَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطًّا، وخط عن يمين ذلك الخط وعن شماله خطًّا، ثم قال: «هَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا، وَهَذِهِ السُّبُلُ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ ([1]).

فهذا من توضيح المعاني بالمحسوسات، وهي طريقة شرعية ناجحة في الإفهام، وهو ما أراده سفيان رضي الله عنه من وصفه عملية تراكم الشياطين في الهواء بكفه، وجَعَل أصابعه بعضها فوق بعض، وفرَّج بينها من أجل أن يوضح لتلاميذه ذلك.

فالشياطين يعلو بعضهم بعضًا؛ حتى يقتربوا من السماء الدنيا ويسمعوا شيئًا من كلام الملائكة، قال عز وجل على لسان الجن: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقۡعُدُ مِنۡهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمۡعِۖ فَمَن يَسۡتَمِعِ ٱلۡأٓنَ يَجِدۡ لَهُۥ شِهَابٗا رَّصَدٗا [الجن: 9]، يرسل الله عز وجل عليهم الشهب، فمنهم مَن يدركه الشهاب فيحرقه، ومنهم مَن يُلْقِي الكلمة على الكاهن من بني آدم قبل أن يدركه الشهاب، إذا أراد الله ذلك.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (4142)، والطيالسي رقم (241)، وابن حبان رقم (6)، والحاكم رقم (2938).