والكاهن: هو الذي يَدَّعِي علم الغيب ويتعامل مع الشياطين، قال عز وجل: ﴿هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن
تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢يُلۡقُونَ
ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ٢٢٣﴾ [الشعراء: 221-
223].
فيأتي الشيطان بهذه الكلمة التي سمعها من السماء والتي هي حق، فيلقيها إلى
الشيطان الذي تحته، والشيطان الذي تحته يلقيها إلى مَن تحته... وهكذا حتى تنتهي
إلى الكاهن الذي يتعامل معه، ثم إن الكاهن يَكذب معها مِائة كَذبة، ويُحَدِّث بها
الناس، فيصدقونه فيما يقول من أجل كلمة واحدة في المِائة. وهذا من لَبْس الحق
بالباطل.
وهذا دليل على أن الساحر كافر؛ لأنه يتعامل مع الشياطين. وكذلك الكاهن كافر
لأنه يخضع للشياطين ويتعامل مع الشياطين.
قوله: «فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ
قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ»
الغالب أن يدركه الشهاب فيَبطل كيدهم؛ لأن الله حرس السماء بالشهب بعد بعثة النبي
صلى الله عليه وسلم. وأحيانًا - إذا أراد الله عز وجل - لا يدركه الشهاب حتى
يلقيها على رفيق له من الإنس وهو الكاهن لأجل امتحان الخلق، ولوشاء ربك لأدركه
الشهاب وأحرقه، لكن يشاء الله سبحانه وتعالى لحكمة أرادها أن يلقي الكلمة على
الكاهن من أجل فتنة الناس.
قال: «فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ
كَذْبَةٍ» لا يُبَلِّغها وحدها؛ لأن الشياطين لا يريدون الصدق، إنما يريدون
الكذب ولا يحبون هذه الكلمة، لكن يريدون بها التلبيس على الناس.