وهذه طريقة أهل الضلال
الذين يَلْبِسون الحق بالباطل، لماذا يَلْبِسون الحق بالباطل؟
لأجل أن يروِّجوا الباطل؛ لأن الباطل لو كان وحده ما قَبِله الناس، لكن إذا
جُعِل معه شيء من الحق فإن غالب الناس الذين ليس لهم بصيرة ولا تمييز - يَرُوج
عليهم هذا التدليس ويَقبلون الجميع. أما أهل البصيرة وأهل العلم الراسخون في
العلم، فلا يَرُوج عليهم التلبيس أبدًا، بل يبينون الزيف من الصحيح.
قوله: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا
يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟!» يعني: فيُصَدِّقونه في كل ما قال،
ويقولون: إنه صَدَق في يوم كذا وكذا!! بسبب الكلمة التي سُمعت من السماء،
يُصَدِّقونه في تسع وتسعين كَذبة، بسبب كلمة واحدة من الحق.
وهذا هو الذي عليه كثير من الناس! أنهم يَقبلون الباطل الكثير بسبب حق يسير
يكون معه.
وهو الذي عليه أهل التلبيس من الشياطين والمضللين من بني آدم ومن علماء
السوء ودعاة الضلال، فهم لا يقولون بالباطل المكشوف، وإنما يسترونه بشيء من الحق
أو من الشيء الذي يغطي زيفهم، وهذا التلبيس هو أخطر ما يكون على النفس.
قوله: «فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ
الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ» قال الشيخ رحمه الله في مسائل هذا الباب: «وفيه قَبول النفوس للباطل»، كيف تَقبل
تسعة وتسعين من الكذب بسبب كلمة واحدة؟!