·
وهذه الآيات تقطع عروق الشرك
بأمور أربعة:
الأول:
أنهم لا يملكون مثقال ذرة مع الله، والذي لا يملك مثقال ذرة في السماوات والأرض لا
ينفع ولا يضر، فهو عز وجل هو الذي يملكهم ويدبرهم ويتصرف فيهم وحده.
الثاني:
قوله: ﴿وَمَا
لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ﴾ أي: في
السماوات والأرض، أي: وما لهم شرك مثقال ذرة من السماوات والأرض.
الثالث:
قوله: ﴿وَمَا
لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ﴾ والظَّهير: المُعِين، فليس لله مُعِين من خلقه،
بل هو الذي يُعِينهم على ما ينفعهم، ويدفع عنهم ما يضرهم؛ لكمال غناه عنهم،
وضرورتهم إلى ربهم فيما قَلَّ وكَثُر من أمور دنياهم وأخراهم.
الرابع:
قوله: ﴿وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ
عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ﴾، فلا يشفع عنده أحد إلاَّ
بإذنه؛ كما قال عز وجل: ﴿مَا مِن شَفِيعٍ إِلَّا مِنۢ
بَعۡدِ إِذۡنِهِۦۚ﴾ [يونس: 3].
وأخبر
عز وجل أن مَن اتخذ شفيعًا من دونه حُرِم شفاعة الشفعاء. قال عز وجل: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبُِّٔونَ ٱللَّهَ بِمَا
لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ
عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [يونس: 18]؛ لأن اتخاذ الشفعاء شرك؛ لقوله عز وجل
في حقهم: ﴿سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ
عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾. والمشرك منفية عنه الشفاعة في حقه؛ كما قال عز
وجل: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ
ٱلشَّٰفِعِينَ﴾ [المدثر: 48]، وقال: ﴿وَلَقَدۡ
جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَتَرَكۡتُم مَّا
خَوَّلۡنَٰكُمۡ وَرَآءَ ظُهُورِكُمۡۖ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمۡ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ
زَعَمۡتُمۡ أَنَّهُمۡ فِيكُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْۚ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيۡنَكُمۡ وَضَلَّ
عَنكُم مَّا كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾ [الأنعام: 94].