وقد صَنَّف الحافظ الذهبي رحمه الله كتابًا سماه: «العلو للعليِّ الغفار» ساق فيه الأدلة على علو الله على عرشه، وهي
كثيرة.
قال العلماء: إن أدلة علو الله على عرشه تبلغ ألف دليل أو أكثر من الوحي،
ومن الفطرة، ومن الأدلة العقلية، وهذا ثابت لا شك فيه، ولا ينكره إلاَّ الملاحدة
من الجهمية وغيرهم.
فقوله: «إِذَا قَضَى
اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ» أي: تكلم بالوحي، وذلك عندما يوحي إلى جبريل
عليه الصلاة والسلام الموكل بالوحي، وحينما يتكلم الرب سبحانه وتعالى بوحيه يكون
لذلك رهبة عند الملائكة؛ لأنهم لا يدرون ما الذي حدث، وترتجف السماوات، ويفزع
الملائكة خوفًا وهيبة لرب العالمين سبحانه وتعالى، فلا يدرون ما الذي حدث، ثم
يخرون سُجَّدًا لله عز وجل، وفي رواية: «يُصْعَقون»
([1]) أي: يصيبهم
الصَّعْق، وهو الغَشْي.
وأول مَن يرفع رأسه جبريل عليه السلام، فيكلمه الله بالوحي ما يشاء؛ لأن جبريل عليه السلام هو المَلَك الموكل بالوحي، وهو الرُّوح الأمين الذي ائتمنه الله على وحيه، فيكلمه من وحيه بما أراد، ثم يمر على الملائكة، «كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلاَئِكَتُهَا: مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ؟ فَيَقُولُ: قَالَ ﴿ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [سبأ: 23]. قَالَ: فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ، أي: «يَقُولُونَ» قَالَ: ﴿ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾»، أي: تكلم ربنا بالحق؛ لأنه سبحانه لا يتكلم إلاَّ بالحق.
([1]) أخرجه: البخاري في خلق أفعال العباد (ص:98).