الإيمان من أصحاب الجرائم
التي دون الشرك. وأما المشرك فإن الله لا يرضى أن يُشفع فيه، ولا يَقبل فيه شفاعة،
قال عز وجل: ﴿مَا
لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ﴾ [غافر: 18].
وقال عز وجل: ﴿وَلَا يَشۡفَعُونَ﴾ [الأنبياء: 28]
يعني: الملائكة ﴿إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ﴾ ارتضى الله قوله
وعمله، وهو المؤمن. أما الكافر فإن الله لا يرتضيه فلا تنفعه الشفاعة، قال عز وجل:
﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ
ٱلشَّٰفِعِينَ﴾ [المدَّثر: 48].
فإذا توفر الشرطان - إِذْن الله للشافع أن يشفع، ورضاه عن المشفوع فيه -
فالشفاعة حق. وإذا اختل شرط فهي شفاعة مردودة، قال عز وجل: ﴿وَكَم مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ
لِمَن يَشَآءُ﴾ [النجم: 26] هذا الشرط الأول﴿وَيَرۡضَىٰٓ﴾، هذا الشرط الثاني.
فهذه هي الشفاعة عند الله، تجوز بشرطين، فإذا توفر الشرطان فالشفاعة صحيحة
ومقبولة عند الله عز وجل. وإذا اختل شرط فهي مردودة ولا تُقبل.
· والناس انقسموا في أمر الشفاعة إلى ثلاثة أقسام: طرفان ووسط:
الطرف الأول: الذين نَفَوا الشفاعة، وهم الخوارج والمعتزلة، وقالوا:
إن مَن استوجب النار فلابد أن يدخلها! بِناء - عندهم - على أنه لا يستوجب النار
إلاَّ الكافر؛ لأنهم يُكفِّرون أصحاب الكبائر من هذه الأمة، فيقولون: لا تنفعهم
الشفاعة! فمَن استوجب النار فلابد أن يدخلها، ومَن دخلها فإنه لا يَخرج منها. هذا
مذهبهم، فينفون الشفاعة التي ثبتت وتواترت بها الأدلة.